هذا ليس بمكاني!!

مهما اختلفت مستوياتنا.. المادية..الأخلاقية..الثقافية.. الإجتماعية

أحياناً ما يراودنا هذا الشعور..هذا ليس بمكاني…

هذا ليس بأنا…

إذا أين المكان؟؟

ضيق قد يصيب النفس… وعلة تصيب الجسد… وعجز عن معرفة السبب..

وهنا نتحدث اليوم ….

عن الروح وسجنها الجسد..هيا بنا…

لعلها رسالة حبيس 

ينطق بها اللسان (يمكن ده مش مكاني) ولعلها رسالة أخرى تعيش بداخلي..تعيش بداخل كل منا.. إنها الروح التي تهفو إلى موطنها الأصلي.. تسمو أحياناً فأشعر بخفة الطيران.. وتتقيد بقيد جسدي غالباً فأشعر بعجز البقاء.. الا نعد للوراء قليلاً أو كثيراً علنا  نعرف…

لعلها رسالة حبيس

قبل البدايات

قبل البداية بالنسبة لنا، كانت البداية عند خلق سيدنا آدم عليه السلام..فقد خلقه الله من قبضة من رمال الأرض.. على إختلاف ألونه وأشكاله وملامسه..

خلط الله التراب بالماء فأصبح طين لازب.. قال تعالى”إِنَّا خَلَقْنَٰهُم مِّن طِينٍۢ لَّازِبٍ”(1) والطين اللازب معناه طين متداخل بعضه في بعض.. بعدها شكله الله بيده الكريمة على شكل الجسد وهو سيدنا آدم عليه السلام.

في الفترة دي كان إبليس يأتي اليه  وينظر إلى هذا المخلوق الجديد.. فلاحظ أول ما لاحظ أنه أجوف أي أنه ضعيف لا يملك نفسه..قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” لما صور الله آدم في الجنة تركه ما شاء الله أن يتركه فجعل إبليس يطيف به ينظر ما هو فلما رآه أجوف عرف أنه خلق خلقاً لا يتمالك”.(2)

والأن جاءت اللحظة الحاسمة لحظة النفخ في الروح وامتلاء هذا الجوف..قال تعالى “وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي” (3)

شاهد أيضًا: الفؤاد العليل(1)

أول ما دخلت الروح في جسد سيدنا آدم دخلت من رأسه..فوصلت إلى عينيه وأنفه فرأى ثمار الجنة وأشتم ريحها..وهنا عطس..قالت له الملائكة:قل الحمد لله فقال:الحمد لله.. أول ما نطق آدم عليه السلام كان الحمد.. فرد الله عليه رب العزة والملكوت وقال:رحمك الله.

أول ما نزل على آدم.. الرحمة!!!..أرأيتم.. الرحمة….

بعدها وصلت الروح إلى قلبه فبطنه فاشتهى ثمار الجنة فقفز ليتناولها..ولم تكن الروح وصلت لقدمه بعد..فانكفأ على وجه..أعلمتم من أين جاءنا العجل؟! قال تعالى “خُلِقَ الْإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ”(4)

وعن البداية نتحدث

اتفقنا أن سيدنا آدم هو مخلوق أجوف..ولعل هذا كان سبب تعجب الشيطان من هيئته..فقد كان كثيراً ما يدور حوله وهو لا يزال جسد من الطين دون روح فيه ويتساءل عن سبب خلق الله له أجوف؟؟

وعندما دبت فيه الحياة وأمر الله عز وجل الملائكة بالسجود له_سجود تكريم لا سجود عبادة_أبى إبليس وبدأ الصراع..

قال تعالى”قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ”(5) فرد إبليس متعالياً متكبراً”قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ”(6) وهنا حلت اللعنة على إبليس وطُرد من الجنة فخرج منها فإنه رجيم.. قال تعالى “قَالَ فَٱخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ”(7)…

ولكن ماذا كان يفعل إبليس ف الجنة وهو من الجن وليس الملائكة؟؟…

شاهد أيضًا: الفؤاد العليل(2)

ما بعد بداية البداية

كم منكم يعلم أن إبليس كان من الجن العابد الصالح لدرجة أن الله عز وجل سمح له بدخول الجنة وهو على قيد الحياة.. لذلك فهو كان في مشهد سجود الملائكة رضوان الله عليهم لسيدنا آدم عليه السلام.. بعد أن أبى إبليس السجود وحاج الله بباطل الكلام.. غضب الله عليه وطرده من الجنة ملعون مغضوب عليه مكروه.

عمى الحقد الشيطان فأقسم بالله لله ليخرج آدم  من الجنة.. وليس آدم فحسب بل كل ذريته.. طمعا منه في إغوائهم ليكونو معه في نار جهنم.. قال تعالى “قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ”(8) .

وقد كان له السبق في خروج آدم عليه السلام من الجنة بعد ان أقسم له بأنه ناصح أمين قال تعالى “وَقَاسَمَهُمَآ إِنِّى لَكُمَا لَمِنَ ٱلنَّٰصِحِينَ”(9) وأغواه بالاكل من الشجرة المحرمة مدعيا أنها شجرة الخلد او بها ملك عظيم قال تعالى “فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ ٱلشَّيْطَٰنُ قَالَ يَٰٓـَٔادَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ ٱلْخُلْدِ وَمُلْكٍۢ لَّا يَبْلَىٰ”(10)

..ولطيب سيدنا آدم وصفاء نيته صدق إبليس اللعين وأكل من الشجرة.. أمره الله هو والسيدة حواء وإبليس بالهبوط الى الارض.. والعيش فيها بعضهم لبعض عدو.. وبدأت الحكاية…

حكاية شقاء…هذا ليس بمكاني

كان وعد الله لسيدنا آدم أنه في الجنة لن يجوع ولن يشعر بالعطش أو الحر وأنه دائما مسطور فلباسه كان من نور.. قال تعالى “إنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى”(11) وعندما نزل سيدنا آدم الى الارض بدأ الكد والتعب للعودة الى هناك.. ألا تروها…

حكاية شقاء

كلمة السر

قبل أن نكمل وحتى لا يختلط  علينا الامر.. لابد أن نعلم أمر في غاية الاهمية.. الله سبحانه وتعالى خلق سيدنا آدم أصلاً للإستخلاف في الارض.. تلك الغاية من البداية.. وفكرة وجوده في الجنة في البداية فهو شئ منطقي لتكتمل دور الحياة كما خلقها الله عز وجل.. تعالو معي لنوضح الأمر…

خلق الله الإنسان جنيناً  ضعيفاً.. ثم طفلاً يلهو ويلعب فصبي يصيب ويخطئ فشاباً فرجلاً فكهلاً ثم موت فبعث فحساب ثم الى جنة أو نار.. تلك هي دورة الحياة كما نعرفها وكما لقيناها مراراً في أنفسنا ومن حولنا.

الأن ما علاقة كل هذا (بمكن ده مش مكاني) .. العلاقة أنها الحقيقة.. هذا ليس بمكاننا إن مكاننا هناك حيث خُلقنا.. إنها روحنا التي تهفو الى العودة الى أصلها هناك تحت العرش بجوار ربها.. الجسد نملكه طيلة الوقت والروح تذهب كل ليلة لخالقها عند نومنا.. وكأنها إشارة إلينا.. لا ترتبطوا بالأرض.. بالدنيا.. ده مش مكاني.. وها هي كلمة السر.. الروح والجنة.

رسالة اليكِ أيتها الام الكريمة.. هذا الموضوع له ارتباط وثيق بالتربية.. انها الكينونة والرسالة الغائية التي يجب أن نغرسها غرساً في نفوس أبناءنا.. علنا نفوز جميعاً.

والى لقاء أخر ومقال جديد وتربية عيال…

المصادر

(1)سورة الصافات آية”11″

(2) صحيح مسلم

(3) سورة الحجر آية “29”

(4) سورة الانبياء آية “37”

(5)سورة ص آيه “75”

(6) سورة الاعراف آية “12”

(7) سورة ص آية “77”

(8) سورة الحجر “39-40”

(9) سورة الاعراف “21”

(10) سورة  طه آية “120”

(11) سورة طه آية”118 ” “119”